فريق الأحلام.. حين زارت عُمان قلب إفريقيا

Getting your Trinity Audio player ready...
محمد تهامي

محمد تهامي

خبير التطوير المؤسسي

محمد تهامي

خبير التطوير المؤسسي

في صباحٍ مختلف، امتزج فيه وهج الشمس الإفريقية بندى المشاعر العمانية النبيلة، حطَّ فريق الأحلام رحاله في كينيا… لا كسياح عابرين، ولا كمراقبين صامتين، بل كقناديل من نور جاؤوا يحملون الدفء، ويزرعون الرجاء، ويبصمون بالبِرّ في أرضٍ طال شوقها لعطاءٍ نقيٍّ لا يُنتظر منه جزاء ولا شكورًا.

من سلطنة عُمان العريقة، مهد اللبانة والبخور، وموئل الحكماء وسادة البحار، جاءت هذه الكوكبة، بقيادة من لا توصف بكلمات: أم لؤي… تلك الروح الوثابة التي تُشعل الأفئدة كلما نطقت، وتلهب المشاعر كلما ابتسمت، وتوقظ الخير الكامن في النفوس كلما مشت. هي ليست مجرد قائدة، بل أيقونة من نور، تمضي كما تمضي النخلة في صحراء الجدب: شامخة، مثمرة، عصية على الانحناء. في اليوم الثاني من رحلتهم، لم يكن الحدث الأبرز توزيع معونات، أو تفقد مشروع، بل كان فتحًا روحيًا: إحدى الأخوات في كينيا أعلنت إسلامها على أيدي هذا الفريق المبارك، وكأن “طلع البدر علينا” لم يُنشد فقط في المدينة، بل تكرر صداه في ربى كينيا، في لحظةٍ من لحظات المجد التي يكتبها الرحمن بأحرف من نور.

  • بشرى… ونبأ الطيب

إن كانت “بشرى” تعني الخبر السعيد، فإنها في الفريق لم تكن مجرد اسم، بل رسالة من السماء. وجهها المشرق، وابتسامتها التي تبشر بالغد، وحضورها الذي يعطر الأجواء، كانت كنسمة من جبل الأخضر، تبشر كل من حولها أن الخير ممكن، وأن الرحمة ما تزال في قلوب الناس حيّة.

  •  أصيلة… ابنة الأصالة

وما أصدق الاسم حين يُجسّد المعنى. أصيلة، ابنة الأصل، وعبير التاريخ، تمضي بثبات، تزرع الطمأنينة في القلوب، وتشبه تلك النساء العمانيات اللواتي كن يربطن السفن بالحبال، ويُعَلّمن أبناءهن الحب والشجاعة والصدق. تمشي في المخيمات بثوبها العماني وكرامتها العالية، كأنها وصية الجدة التي تقول: “إذا أعطيت، فأعطِ بكلك.”

  • هدى… نور الطريق

هدى، كأنها نجمة في ليلٍ بهيم. ترشد، وتحنو، وتربّت على أكتاف المحتاجين كما تفعل الأم مع طفلها الضائع. وفي كل التفاتة منها، دعوة ضمنية للثبات، ولأن نكون أناسًا يضيئون لا يحترقون.

  •  وردالمنى… زهرتان في قلبٍ واحد

الاسم وحده قصيدة. وردالمنى، زهرةٌ لا تذبل، وأمنيةٌ تمشي على قدمين. أينما حلّت، تنشر عبيرها، وتحمل قلبًا لا يعرف إلا أن يُعطي. تطوي المسافات بخفة الورد، وثِقَل الرسالة.

  •  حوراء… نقاء البصيرة

في عينيها صفاء، وفي روحها دهشة الأطفال. حوراء لا تتكلم كثيرًا، لكن حضورها يسبق الكلمات. كأنها تقول إن الجمال ليس في الشكل وحده، بل في أثر القلب حين ينبض بالحُبّ للجميع.

  •  مريم… الطهر والإباء

ما إن تنطق اسم مريم حتى تحضر معاني الطهارة والصبر والثبات. في خطواتها مهابة، وفي عطائها صمت شامخ. تُحسن الإصغاء، وتُتقن الاحتواء، كأنها جبل شمس حين يلتفّ حوله الغيم.

  •  جميلة الحسنية أم سلطان… اسم على مسمّى

كل من رآها أيقن أن الجمال لا يُختزل في الملامح. جميلة الحسنية أم سلطان تفيض حنانًا، تزرع الطمأنينة في كل طفل، وتفتح صدرها لكل حكاية ألم.

  •  موزة أم منصور… وقار الشجرة

موزة، كأنها شجرة نخيل ضاربة الجذور في ولاية بهلاء. بهدوئها، وبحكمتها، تملك قدرة على تهدئة العاصفة. ومنصور، ابنها، يحمل قسمات رجلٍ خُلق لينصر، لا ليُهزم. هادئ الطباع، لكنه إذا حضر غلب.

  •  جميلة الندابي… عنوان الود

في اسمها “جميلة”، وفي سُمتها لطف، وفي كل فعلٍ منها تجسيد للرفق العُماني الأصيل. تراها تحتضن القلوب وتشارك الهموم، كأنها جاءت من مدرسة الشيخ سعيد بن ناصر الكندي، حكيم الرستاق، الذي قال: من طابت سريرته، طابت سيرته.”

محمد، راشد، الخطاب، منصور… نبل الرجولة في أجمل حُللها

محمد… يحمل اسم النبي ﷺ، فتشعر أن سكينته من نوره، وتبسمه من رحمته. حين يتكلم، يُنصت الجميع، لا لعذوبة صوته فحسب، بل لصدق نيته، وعذوبة منطقه. يسير في المهام كما يسير في الحياة: برفق، وبتؤدة، وبيقين أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن القلوب تُفتح بلين الحضور لا بسطوة الأمر.

راشد… كأن خطاه مدروسة من حكمة الأجداد، في عينيه نظرة قائد، وفي قلبه دفء أخٍ كبير. إذا رأيته يدير التفاصيل، علمت أنه نشأ في بيتٍ يعرف قيمة التوازن بين الحزم واللين. راشد لا يحب الأضواء، لكنه حين يغيب، تفتقده التفاصيل.

الخطاب… نداء رجولة يتكلم قبل أن ينطق. تراه فتظن أنه قادم من جيل الصور البيضاء والسوداء، من زمن الرجال الذين لا يتكلمون كثيرًا، لكن مواقفهم تصرخ بالمروءة. حين يُطلّ، تكتمل الصورة، وكأن عدسة الزمن توقفت عنده لتلتقط “خطابًا مصوّرًا” للوفاء، للجدية، للعزم، وللقيم التي لا تُساوَم.

منصور… يُنصر به الفريق حيث حلّ، يحمل من اسمه الحظ والنصيب. قوي الملاحظة، صامتٌ بأدب، فاعلٌ بإتقان. إن رأيته يرفع حملاً أو يسابق لنجدة، أدركت أن العطاء عنده ليس واجبًا، بل طبعه منذ أن كان فتىً يركض في سهول عُمان، يتتبع نداء المحتاج. في حضوره يُختصر معنى “التفاني”، وكأن كل مشروع يقول بعد إنجازه: “منصور مرَّ من هنا.”

 نواف ونبيل وسليم وزوجته… خيط المحبة

نواف، بن جميل، كأنه شعلةٌ من حيوية الشباب.
نبيل، صدق الاسم على حامله، تفيض منه شهامة تُشبه أبطال التاريخ العماني.
سليم، رجلٌ بأخلاق الصالحين، يحمل همّ الآخرين على كتفيه، ترافقه زوجته، سيدةٌ فاضلة، في وجهها سكينة، وفي ملامحها صدقُ النية.

أثر لا يُمحى

لم يكن هذا الفريق مجرد وفد عابر، بل حكايةً من نور، فيها سطرٌ من كل ولاية عُمانية، وكل بيتٍ عُماني، وكل أمٍّ علمت أبناءها أن الخير فطرة لا يُنسى. هم سفراء لعُمان الرحمة، عُمان التي قال عنها حكيمها الشيخ أحمد الخليلي: “إذا أردت أن ترى الإسلام سلوكًا، فانظر إلى رحماء عُمان.” في كينيا، بكت النساء، وابتسم الأطفال، واعتنق النور قلبًا جديدًا، وما زالت آثار الأقدام محفورة في الطين، لكن الأثر الأعمق كان في الأرواح. فليُكتب هذا اليوم في سجلات العطاء، ولتُحفر أسماءهم في صفحات من ذهب.ومن كان له أثر كأثر فريق الأحلام، فقد فاز، لا بقلوب الناس فقط، بل بدعوة السماء. عُمان… كلما أرسلت وفدًا، أهدت العالم دفعةً جديدة من الرحمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top