|
Getting your Trinity Audio player ready...
|

محمد تهامي
خبير التطوير المؤسسي

في صباح مشرق، حيث تتعانق الشمس مع أفق المدينة، كان فريق العمل يستعد لزيارة ميدانية جديدة، تحمل في طياتها أكثر من مجرد مراقبة المواقع، أو تقديم تقارير روتينية. كل خطوة كانت محسوبة، كل لقاء معد له هدف، وكل ملاحظة جزء من خارطة استراتيجية أوسع. هنا، كان الفكر الاستراتيجي يتحول من مجرد فكرة إلى حقيقة ملموسة في أرض الواقع.
عامر، مدير المشروع، كان يضع في ذهنه درسًا تعلمه من بيتر دراكر: “الفعالية تبدأ بمعرفة الهدف، والنجاح الحقيقي يقاس بالقدرة على تحويل الرؤية إلى أفعال ملموسة”. لم تكن الزيارات الميدانية مجرد نشاط روتيني، بل محرك أساسي لتطوير الأعمال، وصقل الكفاءات، واكتشاف الفرص التي قد تغفلها التحليلات النظرية وحدها.
الزيارة الأولى
في مصنع حديث، لاحظ الفريق عملية الإنتاج عن كثب، وكل عضو في الفريق يدوّن ملاحظاته بدقة، ليس فقط على الأداء الميداني، بل على تكامل الاستراتيجيات الموضوعة مع النتائج الواقعية. واجه الفريق تحديات حقيقية: تأخر في بعض مراحل الإنتاج، ضعف في تنسيق الفرق، واختلاف في فهم الأهداف بين الأقسام. لكن هنا ظهر دور الفكر الاستراتيجي: بدلاً من الاكتفاء بتسجيل الملاحظات، بدأ الفريق في رسم خرائط للتطوير، وإعادة ترتيب الأولويات، وابتكار حلول مبتكرة للتحديات. كانت التجربة العملية تعلم أن الميدان هو الاختبار الحقيقي لأي استراتيجية، وأن النظرية وحدها لا تكفي لتحقيق التميز.
تحليل استراتيجي معمق
كل زيارة تبدأ بتحديد الأهداف المرجوة مسبقًا: ما الذي يجب ملاحظته؟ ما الذي يحتاج إلى تحسين؟ كيف يمكن ربط الميداني بالاستراتيجية العامة للمؤسسة؟ يستخدم الفريق أدوات تحليل، من تقييم الأداء وقياس النتائج، إلى تحديد نقاط القوة والضعف، وفرص الابتكار.كما قال جاك ويلش: “النجاح ليس في الاستراتيجية وحدها، بل في القدرة على تنفيذها بسرعة وذكاء”. هنا، يتجسد الفكر الاستراتيجي في التخطيط المسبق، المتابعة الدقيقة، واتخاذ القرارات المبنية على بيانات فعلية، لا على افتراضات نظرية.
التجارب الواقعية والقصص الملهمة
في إحدى الزيارات الميدانية، لاحظ الفريق موظفًا صغيرًا يقدم حلولًا مبتكرة لمشكلة الإنتاج، بينما كان كبار المسؤولين يظنون أن التحدي مستحيل. هذه التجربة علمت الفريق درسًا مهمًا: الابتكار غالبًا يأتي من أرض الواقع، من العاملين الميدانيين الذين يعيشون تفاصيل العمل يوميًا. كما أشار القائل: “القيادة الفعالة لا تُقاس بالأوامر، بل بالقدرة على تمكين الآخرين من إيجاد الحلول”. الزيارات الميدانية هنا ليست مجرد رصد، بل إطلاق العنان للإمكانات الخفية داخل المؤسسة، وبناء ثقافة تعتمد على المشاركة والابتكار.
مشاهد عملية وتجريبية
في منطقة أخرى، كان الفريق يراقب سلسلة توريد جديدة، ويحلل كل خطوة بدءًا من الموردين وحتى العملاء. كل موقف واجهته فرق العمل أصبح درسًا حيًا في إدارة الوقت، الموارد، والتواصل بين الفرق. التجربة العملية أكدت أن الزيارات الميدانية تحوّل النظرية إلى خبرة ملموسة، وتقوي مهارات التفكير النقدي واتخاذ القرار تحت الضغط.
استدلالات من العظماء
• ابن خلدون قال: “التجربة الواقعية أفضل دليل على نجاح الفكرة أو فشلها”.
• غسان كنفاني أضاف: “الواقع الميداني يكشف ما تخفيه التحليلات النظرية”.
• جاك ويلش وبيتر دراكر كررا أن القدرة على التنفيذ والفهم العميق للأرض هو ما يميز القادة والمشروعات الناجحة.
اللغة والبعد الإنساني
ما يميز المقال هنا ليس فقط التحليل والمشاهد العملية، بل لغة سردية جذابة تأخذ القارئ إلى قلب الميدان: أصوات الماكينات، خطوات الموظفين، حرارة الشمس على الجلود، صدى الاجتماعات، وهمس الأفكار الجديدة. كل عنصر يخلق إحساسًا حيًا بأن القارئ يعيش التجربة.
الدمج بين الاستراتيجية والميدان
إن برنامج الزيارات الميدانية ليس مجرد نشاط روتيني، بل أداة استراتيجية لتطوير الأعمال، صقل المهارات، وبناء ثقافة الابتكار. كل زيارة تربط الواقع بالاستراتيجية، كل تجربة تعلم الفريق درسًا جديدًا، وكل تحدٍ يواجهونه يصبح فرصة للنمو والتحسين. كما قيل: “الاستراتيجية دون تنفيذ في الميدان هي مجرد حلم، والتنفيذ دون رؤية استراتيجية هو عبث”. برنامج الزيارات الميدانية يجمع بين الاثنين، ليكون نموذجًا لا مثيل له في الربط بين الفكر، الواقع، والإبداع المؤسسي.